الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
محاضرات في محافظة الباحة
5146 مشاهدة print word pdf
line-top
نصائح للإصلاح

فبذلك نتواصى فنقول: قلنا الإنسان مسئول عن كل من تحت يده من أولاده ذكورا وإناثا، ومن نسائه ومن أقاربه وأخواته ونحو ذلك. إن عليه أن يغار على محارمه. فإذا علم منهن خروجهن بغير إذنه سيما إلى مجتمعات يكون فيها فساد وشر أخذ على أيديهن ومنعهن. وكذلك أيضا إذا علم بأنهن في خروجهن إلى المدارس أو إلى المستشفيات أو ما أشبه ذلك؛ يخرجن بحالة تبرج وتجمل أخذ على أيديهن ومنعهن. وذلك لأنه والحال هذه يكون مسئولا عنهن. والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .
وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كلكم راع، وكل راع مسئول عن رعيته. فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته. والرجل راع وهو مسئول عن رعيته راع على أهل بيته، راع على أولاده، راع على نسائه. مسئول عنهم عند الله تعالى.
وإذا أهملهم وخلى سبيلهم وترك لهم الحبل على الغارب، وترك النساء مع ... يخرجن في غاية من التجمل ونحو ذلك فإنه يكون بذلك محاسبا عند الله تعالى. كذلك أيضا إذا احتجن إلى خروج فليخرج معهن وليهن أو أحد أقاربهن، سواء خرجن قريبا أو بعيدا. فإذا خرجن بعيدا واحتجن إلى ركوب في سيارة فلا يخرجن ولا يركبن مع أجنبي دون أن يكون معهن محرم... سيما إذا كان هناك خلوة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما وكذلك أيضا قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم فيكون المحرم هو المسئول إذا خرجت المرأة بدون محرم وركبت مع سائق أجنبي.
وكذلك نقول: إن على الإنسان أن يشعر بأنه إذا سعى في إصلاح أهله ونسائه فإنه مثاب على ذلك. يثيبه الله تعالى على سعيه وعلى إصلاحه؛ حيث إن أهل بيته نساء صغارا أو كبارا يتربين تربية صالحة، ويبتعدن عن المشتبهات، ويبتعدن عن التشبه بالكافرات أو بالفاجرات أو ما أشبه ذلك. وأن ترك التربية وترك التعليم وترك الحجر على أيدي النساء السفيهات سبب لانتشار الفوضى، وسبب لانتشار الفواحش، التي يكون من أسبابها انتشار الزنا ومقدماته وما أشبه ذلك.
وهو ما يهدف إليه أولئك الدعاة الضلال؛ أولئك الذين يدعون إلى خروج المرأة وإلى تبرجها وإلى سفورها. الهدف الأكبر لهؤلاء هو أن يتمكنوا من نيل شهواتهم وغرائزهم المحرمة. وهذا هو الغالب، وإلا فليس ذلك رحمة بالنساء كما يقولون، وليس ذلك غيرة على الإسلام أو على المسلمين، وأن الإسلام ظلم المرأة وقهرها وضيق الخناق عليها.
وكذلك أيضا نتواصى فنقول: إن على أولياء الأمور إبعاد الشرور عن بيوتهم إبعاد هذه الأجهزة التي تجلب إليهم الشر، أجهزة الدشوش والأفلام الخليعة والصور الفاتنة التي تكون موجودة. يوجد فيها صور الرجال عراة والنساء عراة أو شبه العراة. أو يوجد فيها الرجل يمس المرأة أو يقبلها أو يباشرها ويضمها أمام الناظرين. لا شك أن هذا أيضا سبب لانتشار الفساد. المرأة إذا رأت أولئك الرجال أمامها في تلك الشاشة فإنها ضعيفة، قد لا تملك نفسها. كذلك أيضا إبعاد آلات الغناء ونحوه. الآلات والأجهزة التي تجلب الغناء، وما يكون في الغناء من تشبيب ومن تمايل ومن ترنح، ما يكون في هذه الأغاني من شرور وفساد دافعة إلى المنكرات. لا شك أن هذا كله من الأسباب التي تجلب الفساد.
وإذا شعر المسلم بأنه محاسب ومسئول عن أهل بيته؛ فإنه يبعد أسباب الفساد بقدر ما يستطيع، ويطهر بيته ويغار على نسائه. فإن الغيرة التي هي الحماسة والأنفة والعصبية من أسباب حفظ الإنسان أهله وحفظه أهل بيته ومحافظته عليهم. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- غيورا. ولما قال له سعد بن عبادة -رضي الله عنه- لو وجدت مع امرأتي رجلا لضربته بالسيف غير مصفح. فقال -صلى الله عليه وسلم- أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير منا .
فالغيرة هي الأنفة، الغيرة هي الحمية الغيرة هي الحماسة التي تحمل الإنسان الغيور على أن يغار على أهله، يغار على نسائه. فإذا رأى من نسائه شيئا من هذه المنكرات حرص على إزالة ذلك وعلى إبعاده شيئا فشيئا. إبعادهن أولا عن هذه الأجهزة التي تفسد الأخلاق، وتجلب إليهن الشرور أو توقعهن فيها.
كذلك أيضا يحرص على إبعادهن عن النساء اللاتي يفسدن. فإن كثيرا من النساء اللاتي فسدن أو أقبلن أو قاربن الفساد إذا رأين تلك المرأة المحتشمة المتسترة المتعففة. إذا رأينها أخذن يعبنها، ويقلن: أنت متأخرة، وزوجك مضيق عليك، وزوجك لا يصلح، لماذا يمنعك من كذا وكذا؟ .
فإذا علم أن هناك من يفسد النساء عليه فعليه أن يبعدها، حتى ولو كن من أقاربها، كثير من الرجال يذكرون أنهم إذا أرسلوا زوجاتهم إلى أهلهم رجعت الزوجة متغيرة، فتقول لزوجها: لماذا لا تتركنا نذهب إلى المنتزهات؟ نذهب إلى الملاعب التي نتفرج فيها، مثل فلان وفلان وآل فلان الذين يخرجون كل يوم. في تلك المنتزهات أو في تلك الملاعب فساد عريض، وشر كبير؛ حيث يكون فيها سماع الغناء والطرب، ويكون فيها الرقص وما أشبهه.
كذلك أيضا الحفلات. حفلات الزواج إذا كان فيها شيء من المحرمات فعليه أن يمنع امرأته. فإذا كانت تشتمل على غناء وطرب ولهو وكذلك أيضا تشتمل على ضرب طبول ومزامير وما أشبه ذلك؛ فإنه يمنع المرأة من أن تذهب، ولو كان الزواج لأقاربها، ولو غضب الأقارب وانتقدوه بذلك. عليه أولا أن ينصحهم وأن يذكرهم، ويخبرهم بأن هذا الفعل فعل محرم الذي هو الأغاني والرقص والسهر الطويل. وكذلك الاختلاط والتصوير الذي يدخل من يصور فيه العروس ونحوها. أو كذلك أيضا إبداء المرأة التي هي الزوجة أمام الناظرين. كل ذلك من المنكرات التي جاءت من تقليد الغرب، الذين يريدون بذلك إفساد نساء المؤمنين.
فعلينا أن نكون من الذين يحرصون على إصلاح أهليهم، وبصلاحهم يصلح المجتمع. وبذلك يحفظ الله تعالى الأمة عن أن يقع فيها شيء من هذا الفساد أو مما يتعلق به أو مما يدعون إليه.
هذه كلمات أردت بها أن ننبه على موضوع واحد. والمواضيع الأخرى لعلها قد تطرق إليها الإخوة، ولعلهم أيضا أن يتطرقوا إليها ويوسعوا الكلام حولها؛ حتى يكون المسلمون محافظين على دينهم، وعلى أسباب وقايتهم من الفساد ومن دعاة الفساد.
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وأن يسلك بنا صراطه المستقيم، ويحيينا ويميتنا عليه. وأن يهدي أئمتنا وولاة المسلمين. وأن يردهم إلى الحق ردا جميلا، وأن يصلحهم ويصلح ذات بينهم، ويصلح بطاناتهم. وأن يصلح كل ما في صلاحه خير للإسلام والمسلمين، وأن يدمر كل ما في تدميره خير للإسلام والمسلمين، إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم، وصلى الله على محمد .

أسئـلة
جزاكم الله خيرا، ونفعنا بعلمكم، ومتعنا بحياتكم.
س: السؤال الأول: سماحة الشيخ. يقول السائل: ما هو حد عورة المرأة بالنسبة للمرأة ؟
تكلم العلماء على أنه يجوز للمرأة أن تبدي عند النساء ما يظهر غالبا، ولكن لا يجوز التوسع كما في هذه الأزمنة. فحدها أن تبدي مثلا وجهها ورأسها وشعر رأسها وثدييها إذا أرادت أن ترضع طفلها، وكذلك ذراعيها وساقيها. فأما الأمور الخفية كالبطن والظهر والصدر والمنكبين وما أشبه ذلك فإن الأصل أنها تستر ذلك؛ ولأنها إذا أبدت ذلك وبدت عارية وليس عليها إلا سراويل قصير أو نحو ذلك كان ذلك سببا لتقليدها، وكان سببا لأن يفعل النساء كفعلها ويخرجن بذلك، فيحصل الضرر وتنتشر الفواحش بهذه الأسباب. فنقول: لا تبدي المرأة إلا ما تحتاج إليه من بدنها.
س: وهذا السائل يقول: ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في المرأة التي تقص شعرها إلى ما تحت الأذن بغير أن تقصد التشبه ولكن بقصد التزين لزوجها؟
نقول: لا يجوز فإن هذا ليس هو تجمل، وليس هو زينة. ومع الأسف أن كثيرا من المخدوعين من الشباب ومن الرجال الذين انخدعوا بنساء الغرب، والذين يسافرون كثيرا فيرون النساء الكافرات قد قصت المرأة رأسها إلى الأذن أو إلى ما تحت الأذن قليلا؛ فيخيل إليهم أن هذا هو الجمال، وأن هذا هو الزينة، وأن النساء إذا ربين شعورهن يكون ذلك شينا وقبحا في منظرهن، وهذا من انتكاس المعارف وانتكاس البصائر -والعياذ بالله-.
فلا يجوز للمرأة أن تقص شيئا من شعرها، بل تترك شعرها كما هو. إلا إذا طال طولا زائدا، كما لو وصل مثلا إلى السرة أو وصل إلى الحزام أو ما أشبه ذلك. وكان مما يشق عليها تسريحه، جاز لها أن تخفف منه شيئا؛ بحيث لا يبقى ضارا عليها.
وأما ما روي أن نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- كن يأخذن من رؤوسهن حتى يكون كالجمة؛ فإن ذلك بعد أن مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرفن أنهن لا ينكحن بعده؛ فإن الله تعالى حرم عليهن نكاح الرجال بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المرأة إذا كانت قد عرفت أنها لا تتزوج وليس لها غرض في الزواج، كالتي بلغت السبعين أو الثمانين من عمرها، فهذه الأمر فيها أخف إذا قصرت من شعرها؛ حتى لا يكلفها تسريحه.
س: يقول: سمعنا لكم فتوى في حكم لبس البنطال للنساء هل هذا الحكم مطلقا؟ أم أنه يجوز في بيتها وبين النساء؟
لا شك أن هذا البنطال يمثل حجمها؛ فإنها إذا لبسته فإنه غالبا يبدو أو تلبس فوقه جبة قصيرة تكون جبة أيضا ضيقة، يتبين منكباها وثدياها وبطنها وظهرها. وكذلك هذا البنطال يتبين منه أيضا عجيزتها، وتتبين أليتاها وفخذاها. ولو قالت: إننا نوسعه وإنه واسع. إذا لبسته فإنها شبه عارية، حيث تتبين رجل كل قدم منها عن الأخرى، وكل ركبة عن الأخرى، والفخذ عن الآخر. فنرى أنه لا يجوز إلا إذا كانت عند زوجها. إذا كانت خاصة عند الزوج، فإنه يجوز لها عند الزوج أن تخلع ثيابها، وأما عند الرجال ولو كانوا محارم أو عند النساء ولو كن نساء فليس لها ذلك.
س: يقول: ما هو قول فضيلة الشيخ فيما يحدث في الآونة الأخيرة في قصور الأفراح من لبس ورقص وغناء وموسيقى وتبرج؟
لا شك أن هذا من الفتن التي انتشرت وتمكنت، وكثر الذين يعملونها. في نظرهم أن هذا فرح، وأنه سرور، وأنهم بذلك يسلون أنفسهم، ويتنزهون بالنظر إلى ذلك، وينزهون أسماعهم وأبصارهم، وأنهم ينشطونها بسماع هذه الأغاني وما أشبهها، فننصح المسلم أن يبعد عن مثل هذه الأشياء. إذا علم بأن في تلك الأفراح شيئا من المحرمات؛ كأمثال الغناء الذي فيه وصف الخدود والقدود ودعاء إلى الفواحش وما أشبه ذلك، أو كذلك فيه اختلاط، أو فيه غناء ماجن محرم يثير النعرات ويدعو إلى الفواحش، أو فيه اختلاط رجال بنساء والنساء متكشفات أو ما أشبه ذلك؛ فإنه لا يحضر مثل هذا. وعليه قبل ذلك أن ينصح القائمين على ذلك؛ حتى لا يقعوا فيما هو محرم، أو ما هو ذريعة ووسيلة إلى المحرم.
س: يقول: من المطاعن التي يطعنها أعداء الإسلام في هذا الدين هو طعن في الجهاد والمجاهدين. وأن هذا الإسلام يربي أفراده على سفك الدماء والإرهاب. وكل ذلك محاولة منهم لإسقاط فريضة الجهاد، وتشويه صورة المجاهدين، كما هو الحال في بلاد الشيشان وما يحدث فيها، فهل من تعليق على هذه النقطة؟
نقول: أولا إن أولئك الذين يعيبون الإسلام بأنه يبيح الجهاد هم الذين يضرون بالمسلمين. إذا استولوا على المسلمين في بلدة فإنهم لا يرحمونهم ولا يرفقون بهم؛ بل يحرصون على الإضرار بهم وعلى قتلهم وعلى التضييق عليهم أشنع قتلة. يقول الله تعالى: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ولا يوفون بالعهود، حتى ولو عاهدوا وأكدوا العهود وأعطوا الأمان فإنهم يغدرون، أما الإسلام فإنه إنما يقاتلهم إذا نصبوا الحرب وأعلنوا حربا على المسلمين.
ولأجل ذلك ينقسم الكفار في شرع الإسلام وشرع المسلمين إلى أربعة أقسام
القسم الأول: الذين يستأمنون؛ بمعنى أن أحدهم أو جماعة منهم يطلبون الأمان فيؤمَّنون، ويدخلون آمنين في إجارة المسلمين. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمون يد واحدة يجير عليهم أدناهم أي يؤمِّن عليهم أدناهم.
القسم الثاني: أهل العهد، الذين بينهم وبين المسلمين عهد على ألا يقاتلوهم إلا إذا نقضوا العهد.
القسم الثالث: أهل الذمة، الذين يلتزمون بالذمة ويؤدون الجزية، ويلتزمون بشرائع الإسلام وهم باقون على دينهم من أهل الكتابين ومن يلحق بهم.
القسم الرابع: المحاربون الذين نصبوا الحرب على البلاد الإسلامية. فأما الكفار من اليهود والنصارى فإنكم كما تعرفون عملهم في فلسطين كيف أنهم يؤمِّنون ثم يغدرون. وكذلك فعل سابقيهم النصارى ونحوهم في أسبانيا في الأندلس وما حصل لهم من التشريد للإسلام والمسلمين، ونقض العهود مرة بعد مرة، وقتلهم قتلا شنيعا. فأين هذا من تعاليم الإسلام؟.
فالإسلام يؤمِّن ويوفي بالعهود، وأما إذا أصروا على الكفر وعلى عدم المعاهدة؛ فإنه لا يجعلهم معصومين، بل يبيح قتالهم رفقا بهم إلى أن يدخلوا في الإسلام وهم مختارين، وذلك خير لهم لو كانوا يعلمون.
س: يقول السائل: رجل مقر عمله بمدينة جدة وجل وقته هناك بمعنى أنه مقيم بها إلا أن موطنه الأصلي هو الباحة فهل إذا حضر إلى مدينة الباحة ومكث بها لمدة يومين فقط له أن يقصر الصلاة؟
إذا كان يسكن تحت شجرة، أو ليس له سكن إنما يبيت بسيارته فلا بأس أن يقصر ولو أقام أياما، وأما إذا كان له مستقر وله منزل أو له أقارب يسكن عندهم فلا يعتبر مسافرا.
س: تقول السائلة: ما حكم سماع الأناشيد الملحنة بالدف في غير الزواج ؟
نرى أنه لا يجوز إلا إذا كان هناك مناسبة. يعني كيوم عيد أو فرح بقدوم بعد يأس أو ما أشبه ذلك. فيوم العيد لا بأس بإظهار الفرح فيه. كما ذكر عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كان عندها جاريتان في يوم العيد. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن لكل قوم عيدا وقال: لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة وكذلك أيضا رخص لتلك المرأة التي نذرت أن تضرب الدف على رأس النبي -صلى الله عليه وسلم- فرحا بقدومه. فأما ما سوى ذلك فالأصل المنع.
س: يقول: كثير في هذا الزمان بعض من يستهزئ بالملتزمين وخاصة باللحية فما حكم من يسخر بذلك؟
نرى أن هذا إما كفر أو قريب من الكفر. الاستهزاء بتعاليم الإسلام، أولا: سماهم الله تعالى مجرمين: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وقال الله تعالى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ فالذين يستهزئون بأهل اللحى أو بالملتزمين والمستقيمين على طاعة الله؛ لا شك أنهم داخلون في هذا الوعيد أنهم مجرمون. كذلك يخاف عليهم الوقوع في الكفر، قال الله تعالى عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ هكذا حكم عليهم بالكفر لما أنهم استهزءوا بالله وبرسوله وبآياته وبحملة شريعته.
فننصح هؤلاء أن يتوقفوا وأن يقلعوا عن هذا العمل، وأن يعلموا أن الملتزمين والمستقيمين من أهل الخير ومن أهل الاستقامة، وأنهم أولى بالحق من أعدائهم وأضدادهم.
س: هذه أسئلة كثيرة في قضية الألعاب التي يقضيها الشباب في وقت فراغهم كالكيرم والبلوت وغيرها. هل هناك ضابط لتحريمها؟. أم أنها محرمة حتى ولو لم تشغل عن الفرض؟
لا شك أنها داخلة في اللهو، فإن الإنسان بحاجة إلى وقته، فهؤلاء الذين يقولون: عندنا وقت طويل في أي شيء نشغله؟ ندعوهم إلى أن يشغلوه بشيء ينفعهم. فإن وجدوا عملا دنيويا يشتغلون فيه كحرفة أو تجارة أو صنعة أو نحوها يشغلون به أوقاتهم جاز ذلك، وإن وجدوا عملا دينيا كذكر وقراءة وحفظ للقرآن وحفظ للسنة وتفقه في الدين كان ذلك أيضا مما يشغلون به وقتهم.
فأما أن يقولوا: عندنا فراغ، ونلعب هذا اللعب، جالسين نتفكه ونضحك ونمزح وما أشبه ذلك. نقول: إنكم قد خسرتم، خسرتم وقتا ثمينا، خسرتم أياما وليالي، خسرتم ساعات ودقائق. أما علمتم أنكم محاسبون عليها؟ على الساعة التي تمضي عليكم دون أن تستغلوها بفائدة دينية أو فائدة دنيوية؟.
نذكرهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به فجعل للعمر سؤالين: سؤاله عن الشباب؛ وذلك لأن العادة أن الشباب يحبون اللعب، ويحبون اللهو ويميلون إلى الصبا؛ فجعلهم مسئولين عن شبابهم في أي شيء استعملوه وأمضوا أوقاتهم؟ فليحافظ المسلم على وقته، فإنه بحاجة إليه، يندم يوم القيامة إذا رأى أنه أضاع كثيرا من وقته سبهللة.
س: ما حكم الذهاب للعلاج عند رجل يستخدم الجن، ولكنه لا يستخدمه إلا في الخير وعلاج الناس من المس والسحر وغيره؟ وهل من يذهب إليه يترتب عليه ما يترتب في الذهاب إلى الكهان والمشعوذين؟
ما ذكر العلماء السابقون أحدا يمكنه أن يستخدم الجن، وإن كنا لا نستبعد أن يوجد جن مسلمون. وأن أولئك الجن الذين هم مسلمون من خيار خلق الله أنهم يكونون مساعدين لمن يستخدمهم في الخير. ولكن لا بد أن نبحث عن أولئك الذين يستخدمونهم ونعرف عدالتهم، ثم نعرف أيضا هل ذلك صحيح أم لا؟
فإذا تحققنا أن هناك جنا مسلمين، وأنهم يخدمون أو يحضرون من يأتيهم بموضع سحر أو بموضع ضرر حصل عليه؛ فلعل ذلك جائز. ولكن ما أذكر أحدا تكلم في ذلك، فالغالب والأكثر أن أولئك الذين يستخدمون الجن أنهم إما من الكهنة وإما من السحرة ونحوهم، والله أعلم.
س: يقول: يا فضيلة الشيخ هناك مساجد بمحاريب ومآذن في بعض المدارس والدوائر الحكومية، ولا يصلى بها إلا الظهر والعصر. فهل تلزم لها تحية المسجد؟
يلزم ذلك. الضابط إذا كان هذا المسجد مخصصا للصلاة، فيه محرابه وفيه مئذنته، موجها إلى القبلة، تغلق أبوابه وتفتح في وقت الصلاة، ولو كانت صلاة الظهر. ويصلي به أيضا الذين عندهم دوام مسائي وما أشبه ذلك؛ فلها حكم المسجد ولها تحية.
س: يقول: فضيلة الشيخ ما حكم شراء أشرطة الفيديو التي بها برامج الرسوم المتحركة والتي تحكي تاريخ أحد القادة من .. هل يجوز ذلك وهي خاصة بالأطفال . الأصوات الموسيقية وفيها منفعة كثيرة للأطفال؟
تحصل أيضا منفعة. إذا كان الخير فيها متمكنا وليس فيها مفاسد، وليس فيها أضرار على العقائد ولا على الأخلاق، ولا على الانشغال بشيء يضر ولا ينفع؛ فلا مانع من استعمالها سيما إذا كانت للأطفال الذين دون العاشرة ونحوهم، والذين لا بد لهم من شيء يسليهم. فإن الطفل عادة يحب التسلية، يحب أن يتسلى وأن يكون عنده ما يرفه به عن نفسه. فيباح ذلك بقدر الحاجة للأطفال.
س: يقول: من الشبهات التي تثار حول الإسلام وفيما يتعلق بموضوع الزواج ما يسمى بزواج المسيار وهل فعل ذلك الزواج جائز في الإسلام؟
جائز إذا تمت شروط الزواج، وشروط الزواج إعلان النكاح والاعتراف بهذه المرأة كزوجة وإضافتها في دفتر عائلته. وكذلك أيضا إعطاؤها حقها كنفقة وسكنى إلا إذا شرطت أن لها دارها، أو شرط هو أن لا قسم لها أو ليس لها سكنى، ورضيت بذلك، واقتنعت بأن يأتيها متى أراد أو متى تيسر ولو في الأسبوع مرة أو في الشهر مرة أو مرتين، أو كانت مثلا في بلدة نائية يأتي إليها عندما يسافر إلى تلك البلدة ويقيم عندها؛ فلا بأس بذلك إذا تمت الشروط.
س: يقول: رجل يشتري من البقال بمبلغ مائتي ريال، ويعطي البائع خمسمائة ريال الصرف عند البائع ويقول له الرجل: آخذه يوم غد هل هذا جائز؟
جائز ذلك؛ لأنه عملة واحدة ونقد واحد، ولا فرق بين فئة الخمسمائة أو فئة مائتين أو فئة مائة. أنت مثلا: إذا بعت لك سلعا وأعطاك أحدهم ثمن السلعة من فئة الخمسمائة، وأعطاك الثاني ثمن السعة من فئة المائتين، والثالث من فئة المائة فإنك لا ترد واحدة منهما؛ لأن القيمة واحدة. ومثل هذا لا يسمى صرفا، الصرف هو بيع نقد بنقد، وأما هذا فإنه نقد واحد.
س: يقول: أنا شاب ابتليت بالعادة السرية. فما حكمها وماذا أفعل؟
ذكر الأطباء أنها مضرة، الذي هو الاستمناء باليد ويلجأ إليها الشباب إذا اشتدت غلبة الشهوة وزاد الشبق، وخشوا على أنفسهم الاندفاع إلى فعل المحرم، فيلجئون إلى الاستمناء باليد، ولا شك أنه في الأصل ضار. وأما تحريمه فالأصل أنه محرم استدلالا بقوله تعالى: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ثم قال: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ فننصحك بأن تستعمل ما يكسر حدة الشهوة، وذلك مثلا بالاشتغال والاحتراف، وبالجوع وإجهاد نفسك، وأن تعمل عملا شاقا بحيث إنه يتعب البدن فتخف بإذن الله الشهوة. كما ننصحك بأن تحرص على إعفاف نفسك بالنكاح الحلال الذي تنقطع به عنك هذه العادة.
س: يقول: ما رأي سماحتكم في الميت في الحالة الآتية: إذا كان يصلي ولكنه متهاون جدا؛ بحيث ليس حريصا على الصلاة فتفوته صلوات كثيرة. فهل يغسل ويصلى عليه أم لا؟
نرى أنه يغسل ويصلى عليه. إن كان يصلي في الأصل، ولكن تفوته بعض الصلوات يصليها بعد خروج الوقت ويتساهل بها؛ فلا شك أنه مذنب. ولكن لا يصل ذنبه إلى جحود الصلاة وإنكارها أو تركها تركا كليا، وننصح من يفعلون مثل ذلك ويتساهلون بالصلاة أن الصلاة خطرها كبير.
س: يقول: ما حكم الصلاة في المسجد المغصوبة أرضه ؟
الصلاة صحيحة ولكن يأثم الغاصب. يأثمون ولو بالجلوس فيه، يأثمون باستعماله، يأثمون ولو أغلقوه. إذا غصبوا أرضا وأحاطوها وأغلقوها ولم يستعملوها عشر سنين أو عدة سنوات؛ فإن الإثم حاصل والذنب كبير عليهم.
فأما العبادات والصلوات فيها فلا نقول ببطلانها، ونقول: الواجب عليهم أن يردوها إلى أهلها، أو يشتروها منهم، أو يستبيحوا منهم هذه الأرض التي بنيت مسجدا، إنهم إذا سمحوا كان لهم أجر كبير.
س: هذا سؤال آخر يتعلق بالزواج وهو الزواج بنية الطلاق ما حكمه؟
يجوز ذلك إذا تمت الشروط، فالأصل تمام الشروط، وإذا تم الإيجاب والقبول وإعلان النكاح ودفع المهر كاملا، وعدم تحديد مدة بقائه معها. فالذي في قلبه لا يحاسب عليه. ربما أنه يرغب بعد ذلك، ويرى أن المرأة ذات خلق وذات معاملة طيبة فيرغب فيها فيتخذها زوجة باقية معه، وأما إذا لم ترغب نفسه فإنه له أن يفارقها، حتى ولو لم يكن نيته عند العقد أو عند الخطبة أن يفارقها.
س: وهذا السائل يسأل عن التصوير بالفيديو والتصوير الفوتوغرافي ؟
تصوير الفيديو قد يكون أخف؛ وذلك لأن هذه الصور ليست ثابتة، وإنما هي صور تبقى ثم تمحى ويسجل عليها غيرها. ولو كانت متحركة فلا مانع منها إذا كانت مفيدة. وأما التصوير الثابت بالكاميرا وما أشبهها الذي يرسم فنرى أنه لا يجوز؛ وذلك لأنه يرسم في هذه الورقة أو نحوها ويبقى. ولكن إذا كان هناك حاجة إليه كحاجته إلى تصويره لأجل جواز سفر أو شهادة دراسية أو بطاقة أحوال أو رخصة سياقة وما أشبه ذلك فلعل ذلك جائز.
س: يقول: ما ضابط التشبه الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار ؟. وهل لبس البنطال والكرافتة في خارج هذه البلاد وهل هو من التشبه؟
التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، فيما إذا كان مرتديا به فإن من رآه يقول: إنه على هذا الدين أو إنه على هذا المعتقد. فأما إذا كان ذلك يفعله المسلمون وغيرهم فإنه لا يكون متشبها. ومع الأسف إن الكثير من بلاد المسلمين الذين يدينون بالإسلام ولكن استعمرهم الكفار برهة من الزمان؛ أنهم أصبحوا يتشبهون بأعدائهم وبأعداء الإسلام لباس البنطال ولباس هذا القميص ونحوه أصبح عادة متبعة في كثير من البلاد الإسلامية؛ لا يستنكر، مع أنه كان مستنكرا.
اللباس قديما كان إزارا ورداء كلباس المحرم، وكان أيضا لباس هذه القمص التي هي الثياب الوافية. هذا هو اللباس المعتاد للمسلمين. ولكن لما جاء هؤلاء الأعداء واستعمروا هذه البلاد كثر الذين يقلدونهم ويتبعونهم؛ فصاروا يظنون أن ما هم عليه هو التقدم وهو الرفاهية وهو الاعتزاز، وأن هذا علامة على الرقي والتوسع في الحياة وما أشبه ذلك، فزين لهم هذا.
فالحاصل أن هذه الأكسية التي هي البنطال ونحوها؛ نرى أنها لا تجوز إلا لأهل الاختصاص كالجنود ونحوهم. وكذلك أيضا الذين يكونون في بلاد يستنكر منها من يلبس لباسا غريبا ويخاف على نفسه، فلعله جائز بقدر الحاجة.
س: يقول: ما رأي فضيلتكم في الدمية التي على هيئة القط أو الكلب أو .... للأطفال ووضعها في البيوت؟ أفتونا أثابكم الله
نرى أنها لا تجوز؛ وذلك لأنها صورة مجسمة ظاهرة التجسيم كاملة؛ حيث فيها أصابعها وأناملها ورأسها وذنبها ويداها ورجلاها وجسمها. فهي تعتبر تصويرا كاملا فتدخل في الوعيد الذي ورد في النهي عن التصوير، وتدخل أيضا في النهي عن اقتناء الصور في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة خصه بعضهم بالصور المجسمة التي لها ظل، وهي كذلك.
وأما الذين أباحوها واستدلوا بفعل عائشة وأنه كان لها لعب لما كانت صغيرة فنقول: إن تلك اللعب ليس لها صور كاملة مثل هذه الصور. تعملها بيديها تجعل خرقا وتلفها على أعواد ونحوها، وتمثل لها عودا واحدا كيد وعودا آخر كيد أخرى، ورأس عود تلف عليها خرقة كالرأس، وليس لها وجه وليس لها شعر. وكذلك أيضا فإذا عملت الطفلة بيديها لها لعبة تلعب بها وتتلهى بها فلا بأس بذلك. فأما هذه التي تصنع بالماكينات فإنها صور يقينية فتدخل في الصور المحرمة.
س: يقول: هل من نصيحة للآباء الذين يرفضون زواج بناتهم من غير الأقارب ؟
ننصحهم بأن هذا إضرار بمولياتهم؛ وذلك لأنها قد لا يتقدم إليها أحد من أقاربها، إما لعدم رغبتهم، وإما لوجود غيرها من هو أنسب لها؛ فننصحهم بألا يحجزوا مولياتهم ويمنعوهم من الزواج إذا تقدم لهم الأكفأ.
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وقد حصل بسبب تحجر الآباء على مولياتهم ومنعهم من أن يزوجوها إلا من الأقارب إضرار كبير؛ حيث بلغ كثير من النساء سن الإياس بلغت الخمسين أو الأربعين أو الثلاثين وزهد فيها أقاربها وزهد فيها أباعدها وزهد فيها الناس؛ حيث إنها تجاوزت السن الذي يرغب فيها، وسبب ذلك أن وليها يرد عنها من يخطبها، فيكون في ذلك ضرر كبير، نعوذ بالله.
س: تقول بعض الداعيات: إذا انتهت من إلقاء المحاضرة تطلب من النساء أن يؤمن ثم ترتل الدعاء ويؤمن النساء على ذلك فهل في ذلك شيء خصوصا وأنهن يكن على هذا باستمرار؟
لا بأس بذلك أن تختم الموعظة بالدعاء وبالتأمين على الدعاء؛ فإن التأمين دعاء. فلا مانع إذا انتهى الواعظ ودعا الله تعالى للحاضرين ودعا للإسلام والمسلمين أن يقول المستمعون: آمين وآمين.
س: تقول: بالنسبة للنساء في هذا الوقت فإن ... يصلين جماعة أم تصلي كل امرأة على انفراد، وإذا صلين جماعة فهل ترفع من تؤمهن صوتها بالقراءة؟
إذا اجتمعن في مجتمع كهذه المخيم ونحوه صلين جماعة. وكذلك إذا كن في مدرسة أو كذلك في مجتمع خاص كإدارة أو مستشفى أو نحو ذلك. وكذلك إذا كن في منزل وكن مجموعة فالأفضل أن يصلين جميعا. وإذا صلين فإن إمامتهن تقف في وسطهن. تقف في وسط الصف الأول، ولا تتقدم كإمام الرجال. فكذلك أيضا تجهر لهن بالتكبير وتجهر بالقراءة بقدر ما تسمعهن.
س: ما حكم الكتابة بالقلم الحبر الذي ريشته مصنوعة من الذهب؟
لعله يتسامح في ذلك لصغرها وأنها شيء يسير، ولكن الأولى عدم استعمال شيء من الذهب أصلا.
س: ما حكم لبس الدبلة للرجال والنساء ؛ دبلة الخطوبة؟
لباس مستغرب. اعتاد كثير في هذه الأزمنة وبالأخص من الخارج؛ أن الرجل إذا تزوج لبس خاتما في إحدى يديه إما اليمنى أو اليسرى في إصبعه الصغيرة الخنصر أو البنصر علامة على ذلك. وهذا لا أصل له. وكذلك أيضا لبس هذه الدبلات أو إلباس الرجل امرأته أو مخطوبته هذه الدبلة لا أصل لذلك. الرجل يحتاج إلى خاتم يختم به ويكتب فيه اسمه فلا بأس بذلك. وأما لباس خواتيم كخواتيم النساء فإن ذلك من التشبه.
س: يقول: فضيلة الشيخ ما حكم كشف المرأة لوجهها أمام أخي زوجها ؟ يقولون: إنه جائز ما لم يكن هناك خلوة.
لا يجوز. الله تعالى منعها من إبداء زينتها إلا لمحارمها؛ فلا يجوز لها إبداء شيء من زينتها. ولا شك أن مجمع المحاسن هو الوجه، ولا شك أن أخ زوجها أجنبي؛ بحيث إنها إذا طلقها زوجها حلت لأخيه، وحلت لأقاربه إلا لأولاده وآبائه. فلا يجوز لها والحال هذه.
س: يقول: ما حكم هجر المرأة لفراش زوجها ؟
لا يجوز ذلك. ورد في ذلك وعيد شديد، أنها لا يجوز لها أن تهجر فراش زوجها سيما إذا طلبها إلى فراشه. ورد في الحديث: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح .
س: يقول: أنا واقع في حيرة فإذا سمعت الأجر في طلب العلم زاد ... وبدأت فيه، وعندما أسمع الوعيد في الرياء، وأن أول من يعذب يوم القيامة الذي يطلب العلم للسمعة، عندها أحجم؛ فما رأيك، أرجو التوجيه حفظكم الله؟
لا يجوز البقاء في هذه الحيرة. أنت أخلص النية، واطلب العلم، واجعل نيتك أولا: أن تنفع نفسك حتى تعمل على بصيرة، وثانيا: أن تنفع المسلمين، أن تبث شيئا من هذا العلم في المسلمين، ونية ثالثة: أن تتشرف بحمل العلم، تكون من حملة العلم الذين لهم شرف العلم. فإذا ما نويت مباهاة ولا مفاخرة ولا مدحا عند الناس ولا تصنعا عندهم ولم تنو مصالح دنيوية فإن نيتك إن شاء الله صالحة، فلا تدخل في الذين يعذبون لأجل الرياء.
س: السؤال قبل الأخير: كثير من الأخوة يا سماحة الشيخ، يأملون منكم البقاء مدة أطول في المنطقة، وهذه أسئلة كثيرة ويريدون الإجابة عليها، ويطلبون من الشيخ عبد الرحمن الجبرين الشفاعة في هذه الأطماع.
ونحن في هذه الدورة جعلنا لهم ستة أيام. يعني ابتداء من يوم الجمعة إلى يوم الأربعاء. وهذه أيام فيها بركة إن شاء الله، نقوم فيها بالأعمال التي رغب أهلها القيام بها، ونعتذر عن الزيادة على ذلك، وذلك لاتساع المنطقة. فكنا في العام الماضي أقمنا الدورة في بلدة أنماص هذه المرة ما تيسر لهم شيء، مع إلحاح كثير منهم.. فاليومين اللذين في آخر هذا الأسبوع الخميس والجمعة رغب إلينا أهل سبت العلايا أن نقيمها عندهم فأجبناهم يومين فقط.
أما .الأسبوعين بعده فإنها في منطقة أبها والخميس وما حولها، وذلك لاتساع المنطقة. ونثق إن شاء الله أن في المشائخ الباقين خيرا، وأنهم فيهم أهلية كافية. وإذا يسر الله تعالى في الأعوام القابلة ومد في الأجل فلا نحرمهم.
ونوصيهم بأن يتعلموا من مشائخهم الذين هم ملازمون لهم دائما، كما نوصي أيضا من يرغب في العلم أن يذهب لطلبه ولو غاب غيبة طويلة، ولو وصل إلى الرياض أو وصل إلى مكة أو إلى جدة أو إلى المدينة أو إلى البلاد البعيدة فإن ذلك ليس ببعيد.
ورد أن جابر بن عبد الله سافر مسيرة شهر ذهابا ومسيرة شهر إيابا؛ لأجل حديث واحد بلغه عن بعض الصحابة في مصر فسافر من المدينة إلى مصر شهرين في طلب حديث واحد.
وكذلك أيضا ورد أن محمد بن إسحاق بن منده غاب في طلب العلم أربعين سنة، أربعين سنة يطلب العلم. جاء بعدها ومعه أحمال كتب حصل عليها في تلك الغيبة. وليس ذلك بغريب؛ إذا سافر الإنسان شهرا أو أشهرا للتعلم في المحل الذي يوجد فيه، وأما إذا تيسر له أن يتعلم وهو مقيم عند أهله وفي بلده فإنه يتزود وينفع أهله وينفع بلده.
والحمد لله على تيسير أسباب العلم ووسائله وكثرتها فقد تيسرت والحمد لله، وطلبة العلم وحملته موجودون في كل قرية، عندكم القضاة، وعندكم المدرسون والخطباء. وكذلك أئمة المساجد وما أشبههم. وكذلك أيضا عندكم الكتب والمؤلفات التي أصبحت متيسرة ليس فيها مشقة، وكانت قبل مائة سنة أو نحوها أكابر المشائخ وأكابر العلماء لا يوجد عندهم إلا مخطوطات يسيرة، يحصلون عليها بعد شق الأنفس، ويخطونها بأيديهم.
نحن الآن ندخل في بيت طالب علم في المرحلة المتوسطة والثانوية ونجد عنده كتبا ما كانت توجد عند القضاة قبل مائة سنة أو نحوها، توجد والحمد لله متوفرة ومتيسرة، وقد طبعت وحققت وصححت، ولم يكن فيها غلط ولا أخطاء.
وأيضا رزق الله تعالى هذه الدولة الاهتمام بطلب العلم وبطلبة العلم، ففتحت المدارس ابتدائية ثم متوسطة وثانوية وما بعدها جامعية وإلى غير ذلك، للرجال وللنساء، بأنواع من التخصصات، فيصبح الذي يدرس فيها معه أهلية؛ حيث إنه يفهم اللغة العربية، ويفهم النحو غالبا، ويفهم المعاني. وكذلك أيضا عنده مبادئ في العبادات، ومبادئ في المعاملات، ومبادئ في العقود. وكذلك في الآداب وفي الأخلاق، وفي التاريخ والتراجم، ومعرفة بالحوادث وما أشبهها. فليس له عذر في أن يتعلم على نفسه أو على من يتيسر له أن يتعلم بواسطته.
كذلك أيضا وسائل تلقي العلم متوفرة. ما كانت متوفرة فيما سبق. فكثير يتعلمون من الأشرطة، الأشرطة الإسلامية الدينية يقرءونها ويستفيدون. فيستفيد أحدهم أو يسمع الفائدة وهو في سيارته، ويسمعها وهو مضطجع على فراشه، ويسمعها وهو جالس في منزله. وكذلك أيضا يتعلم كثير منهم بواسطة الإذاعة، إذاعة القرآن الكريم، إذاعة صوت الإسلام وما أشبهها. الإذاعات التي يذاع فيها محاضرات، ويذاع فيها ندوات علمية، وكلمات ونصائح إسلامية، فيستفيدون منها ويتعلمون وهم في محلهم. وكذلك أيضا بقية الوسائل. فنقول لا ييأس الإنسان من أن يحصل على العلم وهو قادر عليه إن شاء الله.
س: يقول حفظكم الله: ما رأيكم فيمن يكتشف المكامنة ويسمى عندنا المهندس، وهل هم قوم يستعينون بالجن في ذلك؟
هؤلاء لا يلحقون بالكهنة ونحوهم، ولا يستعينون بالجن؛ وإنما يعرفون ذلك بالعلامات، يعرفون أن الأرض الصلبة لا تمسك الماء، يذوب عليها الماء فلا تتشربه، ولا ينبت فيها نمي، فنوع من الأرض اللينة هذه عادة تشرب الماء، وتحتفظه؛ فيعرفون الأرض التي تنبت شجرا دائما أن هذا الشجر أنه من بخار الماء الذي في جوفها، وأنه إذا كان دائما هو أخضر ولو كان هناك دليل على أن في قعرها أو في أسفلها ماء، هذا بالنسبة إلى الذين يعرفون ذلك بالعلامات.
هناك من يسمون بالجيولوجيين هؤلاء يعرفون ذلك بالأدوات؛ عندهم أدوات وعندهم أعمال يعملونها، ومعدات يستعدوا بها، يضربون عليها من كذا وكذا إلى أن يتبين لهم نوع الأرض مثل هؤلاء لا.. نكتفي بهذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ونسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، ويصلح أبناءنا وإمامنا، ونسأله تعالى أن تقر بهم العين إنه هو السميع العليم، وصلى الله وسلم على محمد .

line-bottom